•∫¬محتآجڪَ مدير ومؤسس المنتدى
ღ مشآركآتيً|~ : 1250 آلًسٍمْـξـه : 1 ḾṃṦ : دُعًآئيِ :
| موضوع: رفق ورحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالحيوان الأحد مايو 22, 2011 7:38 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يتبادر إلي الأذهان منذ الوهلة الأولي صورة هذه المرآة الثكلى التي ظهرت علي وجهها علامات الاضطراب وأمارات الجزع، فهي الباكية دماً والنائحة إلي حد الانهيار، علي فلذة كبدها وحياة فؤادها.. ولدها الذي فجعت فيه. ولدها الذي ُأخذ منها غيلة وغدراً وظلماً وعدوانا، ومن أخذه يُقدم به علي الذبح وهي تنظر.. وتحبس الأم أنفاسها وتتعالي دقات قلبها وتتسابق دموعها انهارا علي وليدها الذي فجعت فيه. ويسمع النبي صل الله عليه آله وسلم دقات قلبها الملهوف ويشعر بحرارة دمعها فيهرول وهو غاضب.. من فجع هذه بولدها.. ردوا ولدها إليها. وتتداخل المشاعر، وتوشك العين علي البكاء، ويجزع القلب، ويئن الفؤاد.. ويعجب الإنسان. إنها ليست امرأة.. إنما هي طائر في السماء أخذ الصحابة أفراخها فجاءت تدور حول عشها وهي تصرخ. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال.. كنا مع رسول الله صل الله عليه آله وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حُمّره (أي طائر) معها فرخان.. فأخذنا فرخيها فجاءت الحُمّرة تعُرّش.. فجاء النبي صل الله عليه آله وسلم فقال "من فجع هذه بولدها؟؟ ردوا ولدها إليها" (صحيح الجامع). نعم طائر في السماء يجزع النبي صل الله عليه آله وسلم له، ويئن من أجله ويتأثر بمشاعره. فقد جاءت الحُمّرة تطوف حول عشها، وهي تمني نفسها بإطعام أفراخها، فلم تجدهم.. فطاش صوابها ودارت حول عشها وهي تصيح، فرحمها النبي صل الله عليه آله وسلم وسمي فعل أصحابه فجيعة. إنها الرحمة المحمدية، والمشاعر الإنسانية، في قمتها وتألقها، وهي تنتقل من الإنسان.. إلي الطائر.. إلي الحيوان. فقد مر النبي صل الله عليه آله وسلم علي خيل قد وُسم في وجهه فغضب واحتد واحمر وجهه وبدت عليه ملامح الجزع وقال لعن الله الذي وسمه. إلي هذا الحد كانت غضبة النبي صل الله عليه آله وسلم.. يلعن إنسانا لأنه وسم الخيل في وجهه.. ومن عرف النبي محمد صل الله عليه آله وسلم يعلم انه ليس بلعان ولا يحتّد ولا يغضب إلا عند الأمر العظيم والخطب الجليل. فلا يصل النبي صل الله عليه آله وسلم إلي هذه المرحلة من الحدة والغضب إلا إذا رأي منكراً وجرماً عظيماً. وقد مر ابن عمر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم.. فلما رأوا بن عمر تفرقوا فقال ابن عمر.. من فعل هذا ؟؟ إن رسول الله لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا. وعن أنس قال نهي رسول الله صل الله عليه آله وسلم أن تصبر البهائم.. والصبر هو الحبس حتى الموت. وهذه الحملة المحمدية الصارخة علي تعذيب الحيوان والنهي عنه ومراعاة مشاعره وأحاسيسه، إنما هي حملة علي عالم الضمير الإنساني.. حملة لتهذيب المشاعر.. وتقويم السلوك.. حملة علي القلوب القاسية الخالية من كل ود أو رحمة. تلك هي المنزلة التي يريدها محمد صل الله عليه آله وسلم في خاطر الإنسان وفي قلبه وفي ضميره..الرحمة. الرحمة بكل من حوله وكل ما حوله.. الرحمة ببني الإنسان.. الرحمة بالحيوان.. والرحمة بالجماد. فالنبي صل الله عليه آله وسلم إنما يهذب بني الإنسان، ويرتقي بمشاعرهم وأحاسيسهم. بل ويقف بقساة القلوب أصحاب المشاعر الجافة والنفوس المتحجرة علي شفير النار فيقول: (عُذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) إلي هذه الدرجة كانت أجراس الخطر المحمدية تدق علي غلاظ القلوب وبقوة.. فَحَكم علي من حبست الهرة بالنار.. ولعن الذي وسم الخيل.. ولعن من جعل شيئا فيه الروح غرضا.. ونهي أن تحبس البهائم حتى الموت.. وسمّي اخذ أفراخ الطائر فجيعة. إلي هذه الدرجة كانت رحمات محمد النبي صل الله عليه آله وسلم بالحيوان، فقد راعي حتى مشاعره التي لا يستطيع أن ينطق بها. فهذه الهرة التي ماتت جوعا وعطشا، لابد أنها قد لاقت من العذاب البطيء ما لاقت.. وكم بحثت لنفسها عن مهرب أو مفر، وكم خارت قواها تحت سياط الجوع والعطش.. فاستحقت هذه القاسية التي حبستها النار.. إذ لم تحملها رحمتها أن ترحم هذه الهرة، ولم تتحرك مشاعرها، شفقة عليها فتطعمها وتسقيها. وهذا القلب الذي نُزعت الرحمة منه كيف يستحق بحال رحمة الله سبحانه في الآخرة.. فمن لا يرحم لا يُرحم. وذلك لأنه تجرد من مشاعره وإنسانيته ورحمته.. وذلك هو شأن من وسم الخيل في وجهه وحبس البهائم حتى الموت. وأما من جعل شيئا فيه الروح غرضا.. فهو يقف علي قدم المساواة مع أولئك الذين تجردوا من إنسانيتهم ورحمتهم. فإذا انتقلنا من عالم الإنسان إلي عالم الطيور، وتصورت ضمائرنا كم هو مقدار الذعر والهلع الذي يصيب هذه الطيور وهي تنتظر أن تكون هدفا مرة بعد مرة.. وتنتظر الموت لحظة بعد لحظة. ومع فزعها وهولها.. نري صاحب الرمي لاهيا عابثا ضاحكا وهو يصوب نحو هذا الطائر تارة ونحو ذاك تارة آخري.. طرفا نقيض بين نفسين خلقهما الله تبارك وتعالى.. وليس لهذا سابق فضل لأن يكون إنسان.. ولا لهذا سابق جرم لأن يكون حيوان وأحدهما يتملكه الذعر والهلع.. والأخر يتلذذ بذعر ذاك وهلعه. ألا تستحق هذه النفس أن تقف علي شفير النار؟؟؟؟؟ إن محمداً صل الله عليه آله وسلم يرتقي بالمشاعر الإنسانية إلي أبعد مدي، ويسمو بها إلي القمة التي ليس فوقها شيء. إنها رحمة محمد صل الله عليه آله وسلم وهي تسري في عروق الكون، وضمير الوجود في طلاقة وانسيابية، حتى تصل إلي هذه المرحلة العالية التي لا تفرق بين الإنسان وغيره. إنها الرحمة المحمدية التي غمرت الوجود كله.. ولم يمنعها انحياز الإنسان لجنسه، إنما غمرت المخلوقات والكائنات والجمادات.. حتى تحقق فيه صل الله عليه آله وسلم قول الله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ). سورة الأنبياء - سورة 21 - آية 107 | |
|